Wednesday 11 January 2017

BIM Technology & 3D Scanners

BIM Technology & 3D Scanners

 

م. سارة بن الأشهر

Architect & BIM Specialist

sara@alashhar.com

 

إن العالم يتطور من حولنا بشكل سريع و مدهش، فقد كنا في زمن ليس ببعيد نقوم بزيارات مسح ميداني للمباني و المنشآت لساعات و أيام و ربما أشهر، حتى نحصل على مسقط أفقي واحد. ثم نسهر الليالي و نقضي أياماً حتى نقدم نتيجة مشروعاتنا كمجسم مصنوع من الورق المقوى الملصق بالصمغ. أما اليوم أصبحت المباني تمسح و تنمذج رقمياً، و بكبسة زر واحدة نراها تزدان شاشات حواسيبنا في مجسمات ثلاثية الأبعاد.

إنها تقنية المسح الضوئي الثلاثي الأبعاد 3D Scanning تعتبر ثورة هائلة في مجال التصنيع الرقمي واختراعاً تعدى حدود خيال الإنسان. تقنية أضافت الدقة ووفرت الوقت وسهلت علينا أياما وشهورا من العمل المضني. هذه التقنية جذبت انتباه مبرمجي تكنولوجيا نمذجة معلومات البناء BIM حيث ركزوا جهودهم للاستفادة منها. إن الاستفادة من كل اختراع ومن كل آلة ومن كل برنامج حاسوبي هو هدف مبرمجي تكنولوجيا BIM، لأن ذلك سيعود بالنفع على هذه التقنية ويطورها ويمد خدماتها على نطاق أوسع. وكما نعلم فإن هذه الأجهزة تقوم بتحويل أي جسم مادي إلى مجسم رقمي ثلاثي الأبعاد في ساعات معدودة حسب حجم الجسم ودرجة دقة عملية مسحه. وهذه الوظيفة تعتبر عكس وظيفة تقنية الBIM تماماً و التي تجسم نماذج ثلاثية الأبعاد ليتم تحويلها لمبان مادية حقيقية.

و يأتي السؤال هنا: كيف يمكن لتقنية ال BIM أن تستفيد من تكنولوجيا المسح الضوئي؟

مؤخرا مرت علي دراسات وبحوث علمية من عدة مناطق في العالم تهدف إلى توظيف تقنية ال BIM لدراسة المباني التاريخية وتوثيقها. هذه البحوث اختلفت في المنهجية التي اتبعها كل باحث في الحصول على المعلومات الفنية لهذه المباني; فمنهم من حصل عليها معتمدا على الطرق البدائية في المسح الميداني، وأدخلت المعلومات الناتجة يدوياً و نمذجت بتقنية BIM. وآخرون استعملوا أحدث التقنيات ومنها الماسحات الضوئية وربطوها بشكل فعال بتكنولوجيا BIM. الفرق في المناهج المتبعة والدقة الناتجة عن كل منهج، يؤكد فعالية تقنية المسح الضوئي الرقمي التي سهلت على الباحثين عملهم ووفرت عليهم أشواطا طويلة من المسح الميداني.

من هذه الدراسات، رسالة ماجستير لطلبة من جامعة أورغون University of Oregon سنة 2013 . تهدف هذه الرسالة إلى توثيق كوخ تاريخي بني سنة 1827 في مدينة سبرينغفيلد. ووثق الكوخ باستعمال تقنية BIM عبر برنامج الأركيكاد ArchiCad.

الكوخ الأثري بريغز Briggs في ولاية أورغن.

فوجئت بأن المسح الميداني لهذا الكوخ قد تم بطريقة تقليدية، حيث استغرقت العملية من الطلبة أكثر من ثلاثة أيام لتحديد مساحات الكوخ، ولنمذجته رقميا تتطلب منهم عمل 57 ساعة. كانت عملية ادخال البيانات في برنامج الأركيكاد تتم بطريقة مباشرة داخل الموقع ومن قبل شخص واحد والذي يعتبر المتخصص الوحيد في هذا البرنامج ضمن فريق العمل.

المسح الميداني اليدوي للكوخ و إدخال البيانات مباشرة إلى برنامج BIM.

العجيب في الأمر أن الدراسة أقيمت من قرابة الثلاث سنوات والتي كانت فيها تقنية المسح الضوئي موجودة، وكان في استطاعة هؤلاء الطلبة التعرف عليها واستخدامها. كما أن من المثير للانتباه هو نتائج الدراسة والتي تمخضت عن نقص في دقة نمذجة برامج BIM وعدم قدرتها على تجسيم الأشكال المعقدة وخاصة المنحنية والمزخرفة. بالطبع لا يخفى علينا أن بعض برامج BIM تعاني من محدودية قدراتها في تجسيم الأسطح الغير مستوية، و لكن كان بالإمكان تجاوز هذه المحدودية لوالتجأ أصحاب البحث لاستعمال الماسحة الضوئية في نمذجة هذه الأشكال والتي تكون قد وفرت عليهم الوقت والمجهود ولأتت الدراسة بنتائج مغايرة.

استعمال برنامج الأركيكاد في نمذجة الكوخ.

وهذا بالتأكيد لا يمنع من الاعتراف بوجود عيوب لعملية المسح الضوئي الرقمي. أولها تتمثل في الطريقة الغير مباشرة لنقل بيانات المسح من الماسحة وإلى برنامج BIM. إن عملية تصدير هذه البيانات توجب المرور بعدة برامج حاسوبية . هذه البرامج غير متوافقة كلياً مما يؤدي إلى نقص نسبة دقة البيانات حال وصولها لبرنامج BIM. هذا ما أثبتته دراسة من جامعة روبرت غوردن Robert Gordon في بريطانيا حول استعمال تقنية المسح الضوئي الرقمي في تيسير سير العمل بتكنولوجيا نمذجة معلومات البناء BIM. استعمل البحاث في هذه الدراسة ماسحة ضوئية من نوع Leica C10 3D Scanner، وهي ماسحة مناسبة للمسح الداخلي والخارجي على السواء بقدرة استيعابية تصل إلى أكثر من 300 متر. وقد تم استعمالها في هذا البحث لمسح شوارع و تماثيل أثرية في مدينتي إلغين Elgin وأبيردين Aberdeen في سكوتلندا.

في مدينة أبيردين، كانت الأجسام المستهدفة عدد ستة تماثيل ذات أشكال هندسية معقدة وانحناءاتها الغير منتظمة. الناتج عن عملية المسح الضوئي كان مجموعة من السحابات النقطية Point Clouds العالية الدقة، و قد تمت عملية المسح على مرحلتين: مرحلة مسح ذات نسبة وضوح منخفضة Low Resolution، و تلتها مرحلة مسح ذات نسبة وضوح عالية High Resolution.


الماسحة الضوئية Leica C10 3D Scannerالمستخدمة في مسح التماثيل.

المعلومات الرقمية الناتجة تم تصديرها إلى برنامج الماسحة والذي قام بتوصيل مجموعة النقاط ببعضها و حولها إلى مجسم رقمي شبكي Solid Meshes. مجموعة السحابات النقطية كانت لا تخلو من المشاكل من ناحية فقدها للإحداثيات والمعلومات الجغرافية للمكان، وكذلك المرجع الأفقي لارتفاع الأجسام، مما تطلب من البحاث تحديد المستويات الأفقية للارتفاعات Horizontal Levels في برنامج Autodesk Revit، و ذلك لوضع الأجسام في مكانها الصحيح في الموقع. كما أن النقاط كانت تحتوي على نسبة من التشويش الناتج عن تأثير الأجسام المجاورة كتأثير الظلال وحركة المارة و السيارات. ولذلك فإن تحويل هذه النقاط مباشرة إلى مجسم شبكي سينتج عنه شكل مشوه وغريب عن الأصل، فكان لابد من تنظيف النقاط الناتجة عبر برنامج MeshLab الذي يحوي طرق لتبسيط وتعديل النقاط وتكوين الأسطح الشبكية من خلالها.

واجهة المستخدم لبرنامج MeshLab.

الماسحة الضوئية Leica لها القدرة أيضاً على مسح الألوان، ويمكنها إخراج الجسم الشبكي بألوانه الأصلية من خلال تتبع السحابات النقطية في الملف الأصلي ما قبل عملية إختزال النقاط في برنامج MeshLab . إن الملف الأصلي للنقاط يحوي على معلومات الألوان ويتم تطبيقها على أقرب نقاط في الجسم المكون، و السبب في الرجوع إلى الملف الأصلي هو إمكانية أن تكون النقاط المحتوية على معلومات الألوان قد اختزلت.

المسح في قرية إيغل استهدف المنطقة الأثرية في القرية. و قد تم في هذه العملية إدخال مجموعة السحابات النقطية مباشرة لملف ريفت كعنصر موحد واحد كما في عملية إدخال ملف الأوتوكاد. و تم إعداد عدد من القطاعات في الملف بحيث يبعد كل قطاع عن الآخر مسافة متر واحد. و تم رسم مناسيب الموقع بتوصيل النقاط المدخلة يدويا رغم وجود آلية توليد الطبوغرافية في برنامج ريفت عبر ملف خارجي Create from Import Instance.

التشويش الحاصل عن الأجسام المجاورة وحركة المارة والسيارات.

نلاحظ في هذه الدراسة أن استعمال الماسحة الضوئية قد وفر الكثير من الوقت و الجهد، و لكن مع وجود بعض العيوب و المشاكل. من أهم هذه المشاكل التشويش الحاصل في مجموعة النقاط الناتجة عن المسح والذي احتاج إلى تعديل وتنظيف قبل ادخاله في برامج BIM، و ربما هذا يعود لنوع الماسحة الضوئية وجودتها. لذلك لابد من معرفة نوع الماسحة الضوئية المناسبة لنوع المشروع وكفاءتها ودرجة دقتها حتى نصل إلى النتيجة المرجوة من الدراسة. و لذلك سأستعرض بعض أنواع من الماسحات الضوئية الرقمية و آلية عملها.

أنواع الماسحات الضوئية الثلاثية الأبعاد

الماسحات الضوئية الثلاثية الأبعاد هي أجهزة تقوم بقياس ومسح العالم المادي الحقيقي باستخدام أشعة الليزر، أو الضوء، أوأشعة إكس. ينتج عن هذا القياس مجموعة من السحابات النقطية Point Cloud أو شبكات مضلعة Polygon Meshes. و لأجهزتها عدة تسميات باللغة الإنجليزية مثل 3D Digitizer،Laser Scanner، White Light Scanner، Industrial CT، و LIDARوغيرها. إن العنصر المشترك بين هذه الأجهزة أنها تمسح الأجسام المادية من خلال مئات وآلاف القياسات، وتنمذجها رقمياً بنفس التفاصيل الدقيقة. وهي مناسبة لنمذجة طبوغرافية الأرض والمجسمات الهندسية المعقدة والتي تحتاج إلى كم هائل من المعلومات والحسابات.

كيف تعمل الماسحات الثلاثية الأبعاد؟

1. الحصول على المعلومات

خلال عملية المسح الليزري يقوم المسبار الليزري Laser Probe بتسليط شعاع الليزر على سطح الجسم المادي بينما تقوم كاميرتا الاستشعار بالتدقيق بشكل متواصل لأي تغير في المسافة وشكل السطح، ومن ثم توضع الإحداثيات على شكل (x,y.z).

4


2. المعلومات الناتجة

نموذج الجسم المادي يبدأ في الظهور على شاشة الكمبيوتر مع استمرار مرور شعاع الليزر على سطحه على شكل ملايين من النقاط المسماة “سحابة نقطية – Point Cloud“. هذه العملية سريعة جداً وتجمع حوالي 750,000 نقطة في الثانية ودقتها تصل إلى 0.0005 ±.4


السحابة نقطية الناتجة عن المسح الضوئي.

3. برنامج النمذجة المناسب

بعد الحصول على السحابة النقطية، فإنه يتم تسجيلها وتجميعها في نموذج واحد ثلاثي الأبعاد بواسطة برامج حاسوبية تتناسب مع نوع الماسحة المستعملة.
4


تحويل السحابة النقطية لنموذج في برنامج ريفت.

 

 

 

 

هنالك عدة منهجيات لعمل هذه الأجهزة، فبعضها مثالي للمسح القصير المدى بينما الآخر مناسب للمسح الطويل المدى.

1. الماسحات الضوئية للمسح القصير المدى Short Range

( مسافة 1 متر بؤري)

1.1. الماسحات الليزرية للمسح المثلثي
Laser Triangulation 3D Scanners

تستعمل هذه الماسحات الشعاع الليزري لقياس الأجسام المادية وتحتوي على جهاز استشعار يلتقط الضوء الليزري المنعكس من الجسم. هذه الماسحات تعمل بتقنية التثليث المثلثي Trigonometric Triangulation، وتتواجد في عدة أشكال وغالباً ما تكون محمولة، ومن عيوبها أنها تصدر ضجيجا عاليا أثناء تشغيلها. 3

2.1. الماسحات ذات الضوء البنيوي Structural Light 3D Scanners

هذه الماسحات تستعمل كذلك تقنية المسح المثلثي ولكنها بدلا عن الليزر تستخدم حزمة من الأنماط الضوئية تسلطها نحو الجسم المادي. تتميز هذه الماسحات بأنها أكثر دقة من الماسحة السابقة وأقل ضجيجا، إلا أنها كبيرة الحجم وعملها يقتصر على مساحات محدودة ومن الصعب حملها.3

Laser Triangulation 3D Scanners3

Structured Light (White or Blue Light) 3D Scanners3

 

2. الماسحات الضوئية للمسح المتوسط و الطويل المدى Med – Long Range

( مسافة أكثر من 2 متر بؤري)

1.2. الماسحات الليزرية المعتمدة على الموجات النابضة
Laser Pulse-Based 3D Scanners

هي ماسحات تعتمد في عملها على فكرة بسيطة جدا وهي سرعة الضوء. فسرعة الضوء معروفة بشكل دقيق وبالتالي يمكن حساب الزمن الذي يستغرقه شعاع الليزر ليصل للجسم وينعكس راجعاً لجهاز الاستشعار ومنه يمكن معرفة بعد الجسم عن الجهاز. تعتمد هذه الماسحات في عملها على دوائر كهربائية دقيقة قادرة على القياس إلى حدود البيكوثانية Picosecond، كما انها قادرة على مسح ما حولها بزاوية 3600، وتستعمل في المسح المتوسط المدى ما بين 2 متر و 1000 متر وهي بطيئة في استخراج المعلومات وذات ضجة عالية.3

2.2. الماسحات الليزرية المرحلية Laser Phase-shift 3D Scanners

تعمل هذه الماسحات بنظام مغاير للماسحات المعتمدة على الموجات النابضة ولكن فكرتهما متشابهة، فهي تستخدم شعاع الليزر ولكن بقوة أكبر. وتعمل على المقارنة بين مرحلة شعاع الليزر المرسل وشعاع الليزر المنعكس. كما أنها أكثر دقة وسريعة وأقل ضجيجاً.
3

Laser Pulse-based 3D Scanners.3

Laser Phase-shift 3D Scanners.3

ما هو مردود الاستثمار في تقنية المسح الضوئي ROI؟

وضعت شركة Laser Design على موقعها مقارنة بين مردود تصنيع قالب بالطريقة التقليدية و تصنيعه بواسطة المسح الضوئي. ووجدت هذه النتائج :4

 

الطريقة التقليدية

طريقة المسح الضوئي

الوقت

10 أسابيع لإكمال قالب واحد بالإضافة لوقت التصنيع.

ساعتان لمسح القالب بالإضافة إلى الوقت اللازم لتحضير التقرير والذي يحتاج 30 ساعة. الإجمالي 3 – 4 أيام.

التكلفة

200 ساعة بتكلفة 50 دولار للساعة والإجمالي 10000 دولار.

نصف تكلفة الطريقة القديمة.

أسلوب التصنيع

* يقاس القالب بالطرق اليدوية وتحول القياسات إلى رسومات ثنائية الأبعاد.

* تتم دراسة الرسومات لوضع تقرير حول الأخطاء و التعارضات في التصميم.

* يجدد المهندس التصميم ويصلح الأخطاء لتفاديها في التصنيع.

الطريقة سريعة و توفر معلومات دقيقة بالإضافة إلى الألوان ومن ثم تحول إلى نموذج رقمي CAD.

إن تقنية المسح الضوئي الرقمي لها من المميزات مما يجعلنا كمتخصصين في تكنولوجيا BIM أن نفكر مليا في توظيفها بشكل يخدمنا ويخدم العملية التصميمية بشكل مثالي وفعال. إن هذه التقنية يمكن أن توظف بفعالية في تصميم عناصر Families المختصة بالأثاث والعناصر الإنشائية في برنامج ريفت. حيث تسهل على الشركات الهندسية والمصانع تكوين مكتبة كاملة لمنتجاتهم ببساطة وعرضها على المصممين والمكاتب الهندسية بغرض ادخالها في تصاميمهم المستقبلية. هنالك الكثير من الفوائد لهذه التقنية والتي سيتم اكتشافها مع أخذ الخطوة الأولى لتبنيها ومع مرور تجارب من استعمالها. لذا علينا الاستفادة من كل اختراع وكل تطوير لأن المخترعين لا يضيعون وقتهم في مالا نفع فيه.

 

المراجع

No comments:

Post a Comment