Wednesday, 14 December 2016

نمذجة معلومات البناء

Kamel Al-Shaikhli

 

 

تعد صناعة التشييد عاملاً حاسماً في انشاء البنى التحتية المطلوبة لاسناد النمو الحضاري المستمر و تحسين جودة الحياة؛ لذا فإن تطوير الانتاجية في قطاع التشييد – سواءاً كان على مستوى الفقرة الانشائية المفردة او المشروع ككل او الصناعة الانشائية بجملتها – له فائدة جوهرية سوف يمتد تأثيرها الى ما هو ابعد من القطاع الصناعي ؛ حيث ان الادلة التجريبية بينت ان استخدام الاتمتة و التقنيات المتكاملة ادى الى تطوير الانتاجية الانشائية، فكما هو الحال في تطوير المواد الانشائية المحسنة ، فإن التطوير في تقنية الآلية المستخدمة ادى الى تحسين الانتاجية بشكل شديد الوضوح ايضاً. ]1 ، 2[

انطـــلاقاً من الحـــقائق سـابقة الذكـر ، فإن تطــــــوير تقـنية التصـميم باســــتخدام الحاسوب) Computer Aided Design CAD( و من بعـــدها تقــــنية التصــــور ثلاثي الابعاد) Three Dimensional Visualization( كان – و لا يزال – قفزة نوعية كبيرة في صــناعة الانشـاءات ؛ نظراً للانخـفاض الواضــح في عــدد ســاعات العمل خلال مرحـــلة التصميم بالاضــافة الى الزيادة الملحوظــة في دقــة التصــميم و ابداعــيته . و قــد قاد هــذا التطــور الى تصــاميم معمارية اكثــر تعقيداً مما اســتدعى الى تطــوير تقنيات و اســاليب لتســهيل عملية معالجة البيانات و التعامل مع المعلومات في قطاع التشييد ؛ لذلك تم انتاج انواع مختلفة من البرمجيات لتلبية هذه الاحتياجات و كلٌ منها تم تخصيصه للتعامل مع جانب محدد بمعزل عن باقي المشروع و بدون اي بيانات او معلومات من الجوانب الاخرى و نظراً لهذا الاسلوب المستخدم من ناحية و ازدياد مستوى تعقيد التصاميم المعمارية من ناحية اخرى ؛ فقد اصبحت عملية ادخال البيانات مستنزفة للوقت بشكل كبير ؛ لذا ظهرت الحاجة الى تبادل هذه البيانات بين البرمجيات المعنية ، الامر الذي تم بواسطة تطوير مبدأ نظم المعلومات الهندسية المتكاملة) Integrated Engineering Information Systems IEIS( و الذي يمكن تعريفه على انه حزم برامجية مستقلة و قواعد بيانات متصلة مع بعضها بواسطة منصة معينة تدار عن طريق لغة برمجية معينة تعمل كوسيط مترجم بين البرمجيات المكونة للنظام المعلوماتي ]3[ . و بالرغم من هذا التقدم الملحوظ في المجال الا ان كل نظام من نظم المعلومات الهندسية المتكاملة تم انشاءهُ للتعامل مع وضع محدد و كنتيجة لذلك فقد كان على المستخدمين تنصيب كل الحزم البرامجية الخاصة بنظام المعلومات الهندسي المتكامل على حواسيبهم بالاضافة الى ضــرورة تعلم كل هــذه البرمجيات ، ناهيك عن حقيقة كون المســتخدمين لا يزالون مضطرين للقيام بالتغييرات التي يرغبون بها على كافــة الرســوم بأنفســهم ]3[ . الا ان تطــور الذكــاء الصــناعي المفاهيمي) Conceptual Artificial Intelligence( خلال الثمانينات كان له اثر مهم في تطوير نظم المعلومات خلال تلك الحقبة و التي كان لها دور جوهري في الوصول الى تقنية معينة عرفت فيما بعد بنمذجة معلومات البناء)Building Information Modeling BIM(.

قامت العديد من المراجع المختصة في مجال نمذجة معلومات البناء بتعريف الاخيرة انطلاقاً من فهمهم لهذا الاصطلاح او بالاعتماد على طريقة استخدامه. على سبيل المثال فإن المواصفات القياسية الامريكية لنمذجة معلومات البناء) NBIMS, 2007( الصادرة من المعهد الوطني لعلوم البناء )NIBS( نصت على ان نمذجة معلومات البناء هي : «التمثيل الرقمي للخصائص الفيزيائية و الوظيفية لمشروع معين . لذا فهي تعد مصدر معرفة تشاركية للمعلومات الخاصة بالمشروع مما يشكل اساس متين لاتخاذ القرارات خلال دورة حياة المشروع »]4[ . و هو ذات التعريف الذي تم استخدامه من قبل المعهد الامريكي للمعماريين) AIA( في المستند ذو التصنيف) E 202( لسنة 2008 ]5[ . بينما عرَّفها دليل المقاولين لنمذجة معلومات البناء الصادر من اتحاد المقاولين العامين في امريكا) AGC( على انها «انتاج و استخدام نموذج برمجي حاسوبي لمحاكاة بناء و تشغيل منشأة معينة. النموذج الناتج – و هو نموذج معلومات البناء – هو تمثيل رقمي للمنشأة يمتاز بكونه ذكياً و غنياً بالبيانات و قائماً على تعريف الكائنات المستخدمة فيه و استعمال المعرفات ذات القيم القابلة للتغيير. و الذي من خلاله يمكن استقاء و تحليل الكثير من الوجهات و البيانات بما يتناسب مع احتياجات المستخدمين المختلفة بما يساعد في توليد معلومات يمكن استخدامها لاتخاذ القرارات و تحسين عملية تسليم المنشأة »]6[ . و في ذات الوقت فإن كيمل) Kymmell, 2008( في كتابه يعرف نمذجة معلومات البناء على انها «التمثيل الافتراضي للمبنى و المنتج بإستخدام الحواسيب و البرمجيات المتخصصة و الذي قد يحتوي على كل المعلومات المطلوبة لانشاء المبنى . و يعد اصطلاحاً عاماً بالامكان اطلاقه على النموذج )او النماذج( التي تمثل الخصائص الفيزيائية للمشروع بالاضافة الى امكانية اطلاقه على كل المعلومات المحتواة في مكونات هذه النماذج و المرفقة معها . عند استخدام لفظة) BIM( في جملةٍ ما فإن سياق هذه الجملة هو الذي يحدد معنى هذا الاختصار بين ان يكون معناه )نموذج معلومات البناء( او ان يكون معناه )نمذجة معلومات البناء( . ان تمثيل نموذج معلومات البناء للمشروع قد يحتوي على اي )او كل( من البعد الثاني او البعد الثالث او البعد الرابع )و المعني بالوقت و الجدولة( او البعد الخامس )المعني بمعلومات الكلفة( او غيرها من الابعاد )المعنية بمعلومات الطاقة او معلومات الاستدامة او معلومات ادارة المنشأ … الخ( »]7[ .

بينما في الكتاب الموسوم «دليل BIM : دليل نمذجة معلومات البناء للمالكين و المدراء و المصممين و المهندسين و المقاولين» الذي يعد المرجع الاساسي لفهم نمذجة معلومات البناء ، يوضح ايستمان و اخرون) Eastman et al., 2011( نمذجة معلومات البناء كما يلي:

«نحن نستخدم مصطلح BIM كفعل او كعبارة نعت لغرض وصف الادوات و العمليات و التقنيات التي تم توفيرها بواسطة وثائق رقمية قابلة للقراءة بواسطة الآلة عن المبنى و عن اداءهِ و مخططه الزمني و انشائهِ و ما يعقبه من عمليات ؛ لذلك فإن مصطلح )نمذجة معلومات البناء( يصف فعاليةً و ليس شيئاً. و لغرض وصف الناتج من فعالية النمذجة نستخدم المصطلح )نموذج معلومات البناء( »]8[.

من وجهة نظر الباحث ، ان نمذجة معلومات البناء – في الاساس – هي عملية تشكيل الواقع الفعلي في داخل الواقع الافتراضي بواسطة دمج التصميم مع قاعدة بيانات مبنية على اساس تقديم معرفات لاظهار معلومات مختلفة شديدة الاهمية لمحاكاة خصائص كل كائن ؛ ما يساعد في خلق ابعاد جديدة لتمثيلها ؛ بهدف الوصول الى الحلول المثلى لمختلف جوانب البناء )كالتصميم و المدة و الكلفة و الاستدامة و ادارة المنشأ و السلامة المهنية و ادارة المخاطر( قبل الشروع بعملية الانشاء الفعلية.

المصادر 1. Chapman R. E. and Butry D. T., ”Measuring and improving the productivity of the US construction

industry: issues, challenges, and opportunities”, national institute of standards and technology, 2008.

  1. Lytle, A. M., ”A framework for object recognition in construction using building information modeling and high frame rate 3d imaging”, Ph.D., department of civil and environmental engineering, the Fac-

    ulty of the Virginia polytechnic institute and state university, 2011.

  2. Risch T., ”Integrated engineering information systems”, department of computer science, Linköping University, Sweden.
  3. The National Institute of Building Sciences, “The national building information modeling standard

    )NBIMS(“, 2007.

  4. The American Institute of Architects )AIA(, “Building Information Modeling Protocol Exhibit”, docu-

    ment E202, 2008.

  5. The Associated General Contractors of America )AGC(, “Contractors’ Guide to BIM”, 1st edition,

    .6002

  6. Kymmell W., ”Building Information Modeling )Planning and Managing Construction Projects with 4D CAD and Simulations(”, the McGraw-Hill companies Inc., 2008.
  7. Eastman C., Teicholz P., Sacks R., and Liston K., ”BIM Handbook: A guide to building information modeling for owners, managers, designers, engineers, and contractors”, John Wiley and Sons Inc.,

    .1102

No comments:

Post a Comment